لا يخفى على أي عمل متميز ، وكذلك أي نجاح وتقدم ملموس في هيئة من الهيئات يقف خلفه تنظيم وتخطيط متميز ، ومن وراء هؤلاء. ستجد إدارة ناجحة استطاعت أن تدير هذه المؤسسات بنجاح ، وتعد إدارة الأعمال فن يحتاج إلى دراسة كما أنها موهبة فردية موروثة في الشخصية تنمى وتُتَعَلَّم ولريادة الأعمال أهمية عظمى ، وقد تعرض العلماء لتعريف الإدارة بصفة عامة ، وأولوا إدارة الأعمال أهمية عظمى ، كما أن لرئيس مجلس الإدارة صفات خاصة ، ومهام يجب التعريج عليها ، كما أن للإدارة الفاشلة مؤشرات تدل عليها ، وهذا ما سنلقى الدور عليه في هذه المقالة
أولا : مفهوم مصطلح الإدارة
تنوعت الأفكار وتعددت الآراء والتوجهات التي تناولت تعريف الإدارة وتحديد مفهومها، وقد تضمنت المؤلفات في الإدارة عدداً كبيراً من التعريفات، فلكلٍّ من الباحثين الإداريين مفهوم محدد للإدارة، وذلك تبعًا لنظرته لمكونات الوظيفة الإدارية، بل وفقاً لمفهومه الأساسي للعملية الإدارية ذاتها.
ويمكن تلخيص الأسباب التي أدت إلى عدم اتفاق الباحثين على تعريف محدد للإدارة في ثلاثة أسباب رئيسة:
أن الإدارة علم حديث نسبياً، هذه الحداثة لم تُتِح فترة زمنية كافية للمفكرين والباحثين في مجال الإدارة للاتفاق على تعريف واحد جامع شامل لها، مع الإشارة إلى أن الإدارة عُرفت ممارسةً منذ قديم الزمان.
أن الإدارة تشمل مختلف مجالات الحياة الاقتصادية والاجتماعية والخِدْمية كافّة، وقد أدى هذا الشمول مع اختلاف وتنوع طبيعة العمل في هذه المجالات، إلى جانب حداثة علم الإدارة، أدى ذلك كلُّه إلى تأخر الوصول إلى تعريف شامل لها، وإلى اتفاق تام حول مفاهيمها وأسسها.
أن الإدارة تُصنَّف ضمن العلوم الإنسانية لا العلوم الطبيعية، فهي تتعامل مع الإنسان بوصفه وحدةً مستقلة، وتتعامل معه أيضاً بوصفه عضواً في جماعة عمل يخضع لضغوطها ويتأثر بها، وهي تدرس - في سبيل ذلك - الشخصية الإنسانية وسلوكياتها، التي تتصف بالحركة المستمرة وعدم الثبات، ما أدى إلى اختلاف تفسير الشخصية الإنسانية وسلوكها ودافعيتها من مفكر لآخر.
وفيما يأتي مجموعة من التعريفات المستقاة من رواد الفكر الإداري للإحاطة بمضمونها:
لقد عرَّف فريدريك تايلر الإدارة بأنها: "المعرفة الصحيحة لما يُراد للعاملين القيام به، ثم التأكد من أنهم يفعلون ذلك بأحسن طريقة وأرخص التكاليف" ، وقد عرَّف هنري فايول الإدارة من خلال تحديد عمل المدير، قائلاً: "إن معنى مدير هو: أن تتنبأ، وتخطط، وتنظم، وتصدر أوامر، وتنسق، وتراقب" . وينظر كونتز وأودونيل للإدارة على أنها «سلسلة من الأنشطة المتتابعة والمتكاملة، تبدأ بتحديد الأهداف ثم رسم طريقة الوصول إليها، وذلك من خلال إعداد نشاطات التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة، وهو ما يطلق عليه العملية الإدارية "
أما علي عبد الوهاب فيعرِّفها بأنها: "عملية اجتماعية مستمرة تعمل على استغلال الموارد المتاحة الاستغلال الأمثل، عن طريق التخطيط والتنظيم والقيادة والرقابة، للوصول إلى هدف محدد"
ثانيًا : مفهوم إدارة الأعمال
وتتعلق بالمشروعات الاقتصادية التي تهدف إلى تحقيق الربح، والتي تعود ملكيتها إلى أفراد سواء كانت على شكل ملكية فردية أو على شكل شركة مساهمة، ويتم تطبيقها في القطاع الخاص أي في قطاع الشركات والمشروعات الاقتصادية المختلفة سواء أكانت مصانع أو شركات تجارية أو زراعية أو خدمية.
ثالثًا : مميزات إدارة الأعمال :
رعاية اقتصاد المؤسسة الشامل، وإدارة رأس المال، وما يندرج تحت هذا المسمى، من وضع استراتيجيات آنية، واستراتيجيات متوسطة المدى واستراتيجياتٍ بعيدة المدى، وخططٍ مدروسةٍ جيدًا، لازدهار اقتصاد المؤسسة، وتجنّب خساراتها المادية .
إدارة وتنظيم الوظائف الإدارية بالمؤسسة وفق شروطٍ معينة، وأهدافٍ مدروسةٍ ، معدّة لها، والتنسيق لبرامج الإنتاج، والاستثمار، وما إلى ذلك وفق الموارد المتاحة للمؤسسة .
عقد الصفقات التجارية خارج وداخل الدولة، مع الحرص على مصلحة المؤسسة اقصاديًا، وكسب أفضل العملاء لها .
المتابعة العالمية لكلّ مستحدثٍ اقتصادي، وتجاري ، يطابق أو يشابه نهج المؤسسة التجاري في العمل والإنتاج، مع متابعة نشاط المؤسسات التنافسية المماثلة في الصناعة، أو السلع والمنتجات، وما تقدمه من عروض للزبائن
رابعًا : صفات رئيس مجلس الإدارة أو المدير العام .
يجب أن تتوفر في رئيس مجلس الإدارة أو المدير العام الصفات التالية :
الكفاءة والخبرة، والمؤهل المناسب لمهمته ووظيفته .
الأمانة والإخلاص وسعة الصدر وعدم المحسوبية .
الرّجاحة وبُعد النظر، والنظرة الثاقبة، وكل له المهمة وإن وُجدت جميع شروط الوظيفة
القدرة على اتخاذ القرارات المناسبة وحلّ مشكلات المؤسسة، والتأني في اتخاذ القرارات وإبرام الصفقات.
المعاملة الطيبة والخلوقة مع الزبائن، وأصحاب الصفقات لضمان استمرارية تعاملهم مع المؤسسة، وعدم انصرافهم لمؤسسةٍ أ ى مماثلة، فأخلاقُ رئيس المؤسسة أو المدير العام لها سيدعم المؤسسة ماديًا ويساهم في تطورها والعكس سيتسبب في نفور الزبائن وخسارة المؤسسة ماديًا، لكون ما لأخلاق المدير العام أو رئيس مجلس الإدارة من دورٍ لا يستهان به في ارتقاء المؤسسة أو تدهورها .
و. وضع الرؤى المستقبلية السليمة للمؤسسة الأنيّة، والنصف سنوية، والمستقبلية، وتحديد الوقت الزمني لتنفيذها، وإبرازها إلى حيز الوجود .
خامسًا : مهام رئيس مجلس الإدارة أو المدير العام
من مهام رئيس مجلس الإدارة أو المدير العام ما يلي :
اختيار شكل الهيكل المناسب للمؤسسة وفق عدد أقسامه .
الاختيار المباشر أو من ينوب بالمهمة لنوعية الوظائف الإدارية المطلوبة للمؤسسة، مع مطابقة مواصفات ومؤهلات الموظفين المؤهلين لهذه الإدارات .
تجنب انتقاء من لهم سوابق مثيرة للجدل والمشاكل في العمل .
الإشراف على عقد الاتفاقيات، والصفقات مع الشركات الأخرى ، والطلبات الكبرى للمنتج أو ما يشابهه .
السعي لتطوير السلم الوظائفي للعمل، من خلال تطوير وتأهيل الموظفين، وعدم تركهم على ما هم عليه، مع عدم الاعتماد على خلفيتهم السابقة في العمل فقط.
الابتعادُ عن دور الواسطة، وخدمة المصالح الشخصية في الموافقة على طلبات التوظيف أو رفضها، واعتماد الأولوية للكفاءات المناسبة للوظيفة، وفق أقدمية طلب التوظيف، ووفق ما تقتضيه مصلحة المؤسسة .
المتابعة والتوجيه لكوادر العمل بمختلف الأقسام بين فترةٍ وأخرى؛ بحيث لا تزيد عن شهر .
اللجوء لذوي الخبرة والمشاورة في حلّ المشاكل المادية، أو غيرها للمؤسسة دون التقوقع والإصرار على وجهة نظره المفردة فقط.
الوضع العام بالمؤسسة عن كثبٍ مراقبة وعدم الغفلة، بعدها القرار المناسب لكلّ وضع يتخذ .
عقد اللقاءات الدورية مع مدراء الأقسام وتوجيههم لما يخدم وينفع المؤسسة، وسؤالهم عن كلّ قسمٍ وكيفية سير العمل فيه، ولا يكتفي بالسؤال فقط بل بإبراز ما يوثق قول مدير القسم .
عقد اجتماعٍ خاصٍ بالموظفين في الأقسام، والاستفسار عما يواجههم من مشاكل في العمل، أو مع مدير القسم .
سادسًا : "مؤشرات الإدارة الفاشلة"
تعتبر الإدارة الحكيمة، والمتميزة بالعلم والمعرفة والتّخصص؛ من أهمّ عناصر نجاح المؤسسة، بمختلف أنواع المؤسسات، وزارية كانت أم من
ضمن القطاع الخاص، لذلك نجد أنّ افتقار الإدارة لعناصر النجاح الأساسية كالتّخصص، والمعرفة، والخبرة، وحُسن الإدارة، يعرض المؤسسة لمشاكل عديدةٍ ، مادية ووظيفية، وقد تصل لبشرية أيضًا .
ومن أهمّ مؤشرات الإدارة الفاشلة العلامات التّالية :
الاستبداد بالرّأي، وضيق الأفق، وأحادية القرار .
التأثر بمشاكل البيت، وخارج دائرة العمل، وعدم قدرتها على التّخلص منها أثناء تواجده بالعمل، على جودة إداء العمل ممّا يؤثر ، وضعف الالتفات لمهامها بالمؤسسة .
همجية توزيع الأدوار بالمؤسسة، وعدم وضع الموظف المناسب في المكان المناسب .
السعي لتوظيف أقاربها ضمن قائمة الموظف الغير مؤّهل للوظيفة، والغير متخصّصٍ فيها، في ذلك أسلوب الغوغائية معتمدة ، مجانبة للأحقّية والأولوية في توظيف الأفضل .
ضعف الشخصية ، وعدم القدرة على القيادة.
تكديسُ العمل على فئةٍ من الموظفين وإرهاقهم، مع تهميش أدوارههم الإيجابية وقدراتهم العملية .
إحتكارُ الترقياتِ على البطانة المقرّبة من الإدارة ، وصناعة العصابة الوظيفية، لضمان بقائها، واستمرارية سلطتها ونفوذها، وتحقيق الأهداف التي تخدمها، لا التي تخدم المؤسسة .
التّهرب من حلّ مشاكل المؤسسة لعدم القدرة على وضع الحلول المناسبة للمشاكل التي تتعرض لها المؤسسة .
إلصاق أيّ فشلٍ تتعرض له المؤسسة بالموظفين، وإلقاء اللوم عليهم.
توبيخ وتعنيف الموظفين أمام بعضهم وتعنيف البعض، دون الاعتبار لحلّ المشكلة، وقد تقوم الإدارة الفاشلة خاصة ضدّ الموظف المتميز بذلك لإيهام الآخرين بإهماله خاصة إذا كان هذا الموظف مؤهّلا لمنصب المدير أو لمنصبٍ كبيرٍ قد ينافس الإدارة فيه.
محاولة إلصاق واختلاقُ التّهم لمنافسيها بالعمل من أجل زحزحتهم، واحتكار المنصب .
أهم مضيعات أو مبددات الوقت
في إطار الجدل القائم حالياً حول التطوير الإداري، تبرز إلى السطح مسألة مضيعات الوقت باعتبارها مشكلة أساسية تواجه الجهاز الإداري في جميع المنظمات بشتى أشكالها، وهي تقف مُعوِّقًا أمامها وتحول دون تنفيذ أهدافها.
وقد يبدو الكلام عن مضيعات الوقت يسيرًا للوهلة الأولى، لكن بنظرة واعية ومتأنية في حال المنظمات تظهر الصعوبات والسلبيات الناتجة عن وجود هذه المضيعات، وإن النظرة الشاملة لمضيعات الوقت تقتضي الالتفات إلى ما يأتي:
كل توظيف غير ملائم لوقت الفرد هو مضيع للوقت، فالمدير يضيع وقته عندما ينفقه على العمل ذي الأهمية الأقل، وقد كان يجدر به أن ينفقه على الأهم فالأهم، والأهمية هنا مقيسة بمدى تحقيق أنشطة المدير لأهدافه.
بالرغم من أن جميع مضيعات الوقت يمكن التماس مُسوِّغ لها، إلا أن ما لا شك فيه أن جميع مضيعات الوقت يمكن أيضًا ترشيدها، بل استبدال أنشطة منتجة بها؛ ومن ثَمَّ فإن الفرد يبقى هو المسؤول عنها، ويبقى الحل في يده، فإدارة الوقت مفتاحها إدارة الذات، وإن عدم إدراك الحقائق لا يعني أنها غير موجودة، لذا، فإن سوء إدارة الوقت يجعل المدير غير فعّال.
إن مضيعات الوقت - على كثرتها - "يمكن تقسيمها إلى قسمين: مضيعات خارجية وأخرى داخلية؛ أما المضيعات الخارجية فمصدرها الناس مثل: الأسرة، العملاء، أو الأشياء مثل: القراءة وكتابة الرسائل والمذكرات والتقارير، وأما المضيعات الداخلية فمصدرها داخلي ومن الصعب التغلب عليها، وتتضمن عادة التسويف، والاجتماعات، وضعف التخطيط، وعدم القدرة على قول (لا) ، وغيرها"
خاتمة
مما تقدم يتضح مدى أهمية إدارة الأعمال ، خاصة في ظل ما نراه من أن أي تقدم ملحوظ في أي مؤسسة من المؤسسات تجد من خلفه إدارة ناجحة .
المراجع :
- Taylor, F., Shop Management, Harper and Brothers. N. Y.: 1903, P. 21
- Fayol, H., General And Industrial Management, N.Y: Pitman Pub. Co.,Marshal:1949. P.6.
- عسكر، سمير أحمد، أصول الإدارة، مرجع سابق، ص 23.
- عبد الوهاب، علي، مقدمة في الإدارة، معهد الإدارة العامة، الرياض، 1982م، ص 13.
- إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري المؤلف: د خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي عدد الأجزاء: 1(1/48)
- مدخل إلى الإدارة ، الدكتور عمر درة ، 2009م ، ص 65.
- فن إدارة الأعمال ، أحلام الحسن ، مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع ، 2019 م ، ص : 5 .
- فن إدارة الأعمال ، أحلام الحسن ، مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع ، 2019 م ، ص : 23 .
- فن إدارة الأعمال ، أحلام الحسن ، مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع ، 2019 م ، ص : 24 .
- فن إدارة الأعمال ، أحلام الحسن ، مؤسسة النيل والفرات للطبع والنشر والتوزيع ، 2019 م ، ص : 24 .
- إدارة الوقت من المنظور الإسلامي والإداري المؤلف: د خالد بن عبد الرحمن بن علي الجريسي عدد الأجزاء: 1(1/108)